العابرة المكسورة الجناح: شهرزاد ترحل إلى الغرب
كانت أول رحلة لشهرزاد نحو الغرب برفقة فرنسي يدعى “أنطوان كالاند”، الذي أتاح لشهرزاد الفارسية سنة 1704 أن تتحدث بالفرنسية. ولكنها وحين غادرت الشرق وعبرت الحدود إلى الغرب جُرِّدت من ذكائها. فما أن وطئت قدما شهرزاد أرضه حتى جردتها الجمارك الأوروبية من جواز سفرها، أي من ما يشكل هويتها متمثلاً بالأساس في ذكائها.
والواقع أن الغربيين لم يأبهوا إلا بمشاهدة المغامرة والغرام في ألف ليلة وليلة الذي انحصر هو الآخر في الزينة ولغة الجسد بشكل باعث على الاستغراب، حتى أصبح رقصاً لا يتجاوز حركات هز الأرداف، وكمثلٍ عن ذلك نجد بأن لفظة “السحر” العربية التي تحيل على التبادل العميق والاعترافات المهموسة خلال الليل غائبة عن النصوص المترجمة تماماً.
لقد انصرف اهتمام الغربيين خلال أكثر من قرن إلى الشخصيات الذكورية على الأخصّ، كسندباد وعلاء الدين وعلي باب. وكان على شهرزاد أن تنظر سنة 1845 أي حوالي قرن ونصف لكي ينعتها ادجار آلان بو بسيدة العجائب في قصته “الألف ليلة وليلتين لشهرزاد”. كان على الحاكية أن تقطع المحيط الأطلسي وتقصد أمريكا لتلتقي في نهاية المطاف برجل كادجار آلان بو، يعترف لها بالذكاء الخارق إلى حدّ نعتها بـ”الأميرة السياسية”.