وجدوا خرطوم الماء بين أغصان الصنوبر فقطعوا الشجرة .
الهروب بالخرطوم والشجرة من أفكار يحيى .. لسنوات ظلّت تلك الشجرة أمامنا .. كبرنا و هي هناك .. تجاوزت أغصانها ارتفاع السور فلم تثر ريبة مسؤولي الدار ، و مثلها خرطوم الريّ .. لم يُغونا أحدهم بالهرب .
بل قبل يحيى لم نفكّر بالهرب .
وحده جعل الشجرة و الخرطوم طريقاً للخروج إلى عالم قال لنا إنه أحن علينا من الدار .. طعام و سينما و أسواق و نقود في أيدينا لن تنقطع .. كلّ ما علينا هو إقناع الناس الطيّبين ، عند إشارات المرور و أمام المطاعم و دور السينما ، ليعطوا ، و أضحكنا كثيراً قاموس شتائمه السريّة لمن يبخل منهم أو يجود بقليل .
لم نتصوّر ، قبل يحيى ، أن الحياة مغامرة . أمّا بعده فضقنا حتّى الفرار منها .
صدّقنا يحيى حتّى اندفاع التجربة .
حكايات يحيى أرواح هائمة خطفتنا .. جوارح انقضّت على ليالينا وحلّقت بها .. نسمات حرّية لم نجرّب طعمها .
تنادينا حكمة تفترش الأرصفة ، وتجارب تصقل النفوس .
من الرواية