اخلع عنكَ الحقيقة والضَلال، والشكَّ والإيمان، واترُك خارجًا كل خيوط اليقين، كُن وحدكَ الخَائِن والبرِيء، والضحِيَّة والقتِيل، ولنَدَع الله جَانبًا فلا تَذكُره الشيَاطِين، أو تَدْعُوه وهُم بقعرِ الجَحِيم، فدعنَا لا نسبِق الأحدَاث ولَا ننحَاز للزمَانِ ولا نعبَث مع رحَا الأقدارِ، فلَا يهم من نحنُ ومِن أين جِئنَا وإلى أين نُقطة الوصول، وَحدَك لَعْنَتهم، ووَحْدكَ طَوْق النجاة، فكل ما تراهُ عينكَ، وما تسمعهُ أُذنكَ وَهْم، محضُ سرَاب… فروحكَ باتت مُعلَّقة بَيْنَ أطرافِ الزمان، تتعثَّر بين شهوَة الوصُول وسطْوَة السُلطة واستعباد العرُوش، الماضي آثَام تُلاحِقك، والحَاضر دِمَاء تُحاصرك، والمُستقبل لعنَات تُطاردك، وخلف الأبوَاب المُغلقَة يُشحذ نَصْل الخِيَانة، وفي الظلامِ يُولد ألف شَيْطَان، فإن اعَتقَدتَ أنَّكَ فَلَتَّ من الجحيمِ فهَيْت لَك، فنحِّ المُستحيلَ جانبًا، فقَدرُكَ يتربَّص بكَ، يبغِي تمزِيق كل شيء ليُسطِّر لأجلكَ من الجحيم تاريخًا جديدًا… وعلى دمائك تَصَارع القطِيعُ وما عليك إلا الطاعة والخضوع.. فمرحبًا بكَ في الجحيمِ…