في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية في العشرينيات من القرن الماضي، ولدت تلك المقولة التي لا يبدو أنها قابلة لـ ”التقاعد”: ”إذا عطست أمريكا يصاب العالم بالزكام”. لم يكن العالم وقتها، متشابكاً ومتصلاً فحسب، بل متداخلاً كما هو الآن، ومع ذلك أُصيب العالم ”المقرب” منها في ذلك الوقت بالزكام. كانت أمريكا تقترب شيئاً فشيئاً من إعلان ”تقاعد” القوى الكبرى القديمة، وكانت المناسبة المثالية، ليس عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، ولكن عندما قررت الولايات المتحدة، الدخول متأخرة في هذه الحرب. وبعد أن كان ”زكام” العالم الناتج عن ”عطس” أمريكا محدوداً في العشرينيات، فإنه بعد الحرب الثانية، صار وباء.. بدايته معروفة، أما نهايته فشيء آخر. أول العارفين ليس أمريكا فحسب، بل العالم أجمع. لا يمكن الالتفاف على هذه الحقيقة. وهي تخص السياسة كما تخص الاقتصاد. فلا غرابة إذاً، عندما تداعى العالم من جراء الأزمة الاقتصادية التي اندلعت في الولايات المتحدة عام 2008، وكذلك الأمر مع مجموعة من الأزمات المحلية الأمريكية جذبت العالم كله إليها، كما تجذب الثقوب السوداء المجرات في الفضاء.