هي ليلة واحدة ولكنها استمرت قروناً طويلة .
تقدم جملكية آرابيا حالة جديدة في الكتابة الروائية العربية التي
تستثمر فنياً المنجز العربي القديم و الحديث ، والمنجز الإنساني ؛
الشعر ، ألف ليلة وليلة ، دون كيشوت ، في البحث عن الزمن
الضائع ، عوليس ، خريف البطريرك ، الإرث الصوفي – وغيرها
من النصوص العالمية ، لإنجاز ملحمة أدبية تخترق الحدود
و الأشكال ، و تذهب نحو جوهر المأساة القاسية التي عرتها بقوة
الثورات العربية الجديدة .
الدكتاتور العربي لم يشوه فقط القيم المحلية القادمة من بعيد ،
ولا الإنسانية وحدها ولكنه مسّ جوهر الأشياء ، فأنتج نموذجاً
غريباً لا هو جمهورية ولا هو ملكية : جملكية . مسخ مزيج بين
أسوأ ما في النظامين .
في آرابيا ، المدينة و البلاد ، تتقاطع المصائر الأكثر إنسانية
و الأكثر دموية أيضاً . بقدر ما اختار الحاكم بأمره التاريخ
المغشوش ، والقوة والبطش ، وفضلت دنيا مصلحة ابنها قمر
الزمن ، اختار بشير إلّمُورو ، يوشا ، ماريانا ، سيدي عبد
الرحمن المجذوب وغيرهم ، المسلك الأصعب : الانتماء إلى
النشيد الإنساني العظيم الذي كلَّما ظنناه مات ، قام من رماده
ليذكّرنا بأن الحياة ما تزال مستمرة ، وتستحق أن تعاش .