«ذات صباحٍ غائمٍ من أوائل تسعٍ وأربعين، ومن راديو كراتشي النّاطق بالعربيّة، أذاعت تاجي عبد المجيد خبر إعدام الشّيوعيّ العراقيّ يوسف سلمان، المعروف بفهد. صوتُها عميقٌ مُحايدٌ غريبٌ على أذنيها. خلعَت عن حنجرتها رنينَها الطبيعيّ وقرأَت الخبر بدون روحٍ، بنبرةٍ خشنةٍ مثل حبل مشنقة. نفرَت دمعتُها بعد انطفاء الميكروفون. مسحَتها قبل أن تخرج من الاستوديو. التّأثّر شُبهة وشُبهاتها تكفيها. مضت إلى المغسلة وصوبَنتْ كفّيها عدّة مرات من دماء لا تُرى بالعين المجرّدة».
ثلاث شخصيات, امرأتان ورجل, لكل منها صوتها وقصتها الخاصة, تلتقي في رواية يجتمع فيها الحب مع الموسيقى , والشعر مع الجاسوسية. تاج الملوك عبد المجيد, الصحافية المتحررة صاحبة مجلة الرحاب التي رعاها نوري السعيد في أربعينيات بغداد. منصور البادي, زميلها الفلسطيني في إذاعة كراتشي الذي هاجر إلى فنزويلا وأضحى مستشارا لرئيسها هوغو شافز. ووديان الملاح, عازفة الكمان في الأوركسترا السمفونية العراقية التي يثقل أذنيها صمم عوقبت به الأنها تمردت على نزوات “الأستاذ“. سالفة إثر سالفة, تغزل النبيذة خيوط الوقائع بمغزل الخيال, حين تحرف مصائر البشر عن مساراتها الطبيعية, عابرة ثمانين عاما من تاريخ بلد معذِّب ومعذَّب.