لديك دولةُ توشك على الانتهاء، ووزراء متصارعون، وأكثر من حليف يجب أن تبتعد عنه، وعدو واحد يجب أن تقترب منه: نفس المعادلة التي تتكرر كل بضع سنوات. ملك آخَر على دولة أخيرة يمارس سياسة العالم الأثيرة “فرق تسد”، الملك العاضد آخر ملوك الدولة الفاطمية، والخليفة الرابع عشر و بعد حكم اقترب من الثلاثمائة عام انتهت الدولة على يديه .
يعرض لك باكثير ـ في روايته التي تتعرض لسيرة شجاع بن شاور آخر وزراء الفاطميين في مصر ـ حياته، و يستعرض صفاته، و يحكي لك عن زريك الذي قضى عليه شاور الوزير القوي، ثم استعانة الخليفة العاضد بضرغام كبير قادة زريك لينهي حكم شاور ويهرب من مصر. ولقد عامل ضرغام شجاع بن شاور معاملة حسنة، لا تعرف لماذا، ألأنه أحبه فعلا، أم لأنه لم يكذب عليه القول كأخويه اللذين قتلهما ضرغام بمنتهي البساطة؟!
ويتحرك شاور بعد مشورة أبي الفضل تاجر الحرير، والذي سيتزوج من ابنته سمية بعد وقت قليل.. وقد تزعم أبو الفضل هذا جماعة سميت جماعة المصلحين! التي تعنى بإصلاح أمور البلاد وشئون الحكم والأسواق والقضاء وهم جماعة مختارة بعناية فائقة، ليس بحسب خلفياتهم الثقافية وليس لكونهم من النخبة، و لكن بمن اتسموا بالأمانة و الصدق والرغبة الصادقة في خدمة المجتمع.. ويقصد شاور إلى نور الدين حاكم بلاد الشام القوي فيعينه نور الدين بحملة من جنوده يقودها أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين ليعودا إلي مصر منصبين وزيرها شاور مرة أخرى، ومقاتلين الوزير الآخر ضرغام وتنتهي الأحداث بقتله .
يعرض باكثير طوال الرواية عن تصديق شجاع لأبيه شاور على طول الخط فكم من مرة خان العاضد لحساب نور الدين! وها هو مرة أخري يخون أسد الدين شيركوه لحساب مرى ملك بلاد الفرنج.. وكم من مرة فكَّر أن يخونهم أجمعين لحسابه الشخصي!