“شارع الأميرات” رغم أنه يتناول أحداث سنة أو سنتين من سيرة جبرا العراقية، إلا أنه يضعنا في قلب الحدث الأدبي والفني، ويعرفنا على أجواء وشخصيات كان لها تأثير بارز في مسيرة الإبداع في المنطقة كلها، ويرسم طيفاً واسعاً من الآثار التي احتضنت تلك المرحلة، وأعطت نتائجها فيما بعد.
فالحلقات الفنية–الأدبية، التي تكوّنت في بداية عقد الخمسينات، وكانت تحفل بالأفكار والأحلام الكبرى، وضعت الأساس لما تلاها من حركات وإبداعات على أكثر من صعيد، وساهمت في خلق ذائقة فنية جديدة.
إن الطيف الأدبي والفني الذي يرسمه جبرا لتلك المرحلة شديد الدلالة، ولولا هذه الإشارات، بالأسماء والوقائع والإنجازات، قد لا يستطيع القارئ استيعاب التطورات اللاحقة، ولذلك تعتبر شهادة جبر في هذا المجال أساسية، خاصة وأن هناك محاولات لإعادة قراءة المرحلة وفقاً لأهواء ورغبات مختلفة عما كانت فعلاً.
لم يكن جبرا في هذا الكتاب يؤرخ أو يوثق، لكن الهوامش التي حفل بها الكتاب تلقي أضواء على الكثير من الوقائع والمناخات التي كانت سائدة، هذا وعدا عن الوقائع التي يتميز بها شارع الأميرات، فإن الجرأة في قول الأشياء، وبكثير من الصراحة، ميزة أخرى، الأمر الذي لم يتعود عليه أدبنا حتى الآن، إلا بأمثلة محدودة، مما يجعله قدوة يمكن أن تحتذى.