لا شك أن جوهر الحضارة الإسلامية هو الإسلام، وأن جوهر الإسلام هو التوحيد؛ أي أن الله هو الخالق الواحد المطلق المتعال، رب الكائنات جميعاً وسيدها. هذان المبدآن الأساسيان باديا الوضوح، ولم يتطرق الشك بهما قط إلى من كان ينتمي إلى هذه الحضارة أوساهم فيها. ولم يتعرضا للشك إلا عند المنصرين أو المستشرقين وغيرهم ممن فسر الإسلام في الماضي القريب.
والمسلمون، مهما يكن مستوى ثقافتهم، هم على ثقة مطلقة بأن الحضارة الإسلامية تنطوي على جوهر، وأن هذا الجوهر قابل للمعرفة والتحليل والوصف، وذلك هو التوحيد.
وتحليل التوحيد بوصفة جوهراً ومبدأ رئيساً في الحضارة الإسلامية هو موضوع هذا الكراس، والذي استل من كتاب” أطلس الحضارة الإسلامية”، والتوحيد هو ذلك المبدأ الذي يمنح الحضارة الإسلامية هويتها، ويربط جميع مكوناتها معا ليجعل منها كياناً عصوياً متكاملاً نسميه حضارة.