ما يزال الجدل القائم حول قيمة النتاج الفكري الذي خلفه أبرز المفكرين الإسلاميين الإيرانيين في عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، والذي جاء من خارج دائرة الحوزة العلميّة؛ألا وهو الدكتور علي شريعتي الذي شكل دون أدنى ريب أحد أهم محاور النهضة الدينية التي استقطبت الشباب الإيراني خاصة في الجامعات في الفترة التي سبقت انتصار الثورة الإسلامية في إيران، شباط 1979.
وخلال سني الثورة جرت عملية تعتيم تام على دور الرجل وذلك بدافع من القناعة بأن الرجل منحرف أو ضال لكونه تخطى كثيراً من الخطوط الحمراء التي يعتبر تجاوزها جريمة لا تغتفر في معظم الأوساط الحوزوية التقليدية والتي صار لها بعد الثورة نفوذ واسع في السلطة.
وسواء كان الدكتور “شريعتي” كما يقال منحرف أم؛ لا تبقى نتاجاته الفكرية جديرة بأن تقرأ وأن يعاد تداولها سواء في الشارع الإيراني أو العربي خاصة، فهي تُسلط الضوء على سرّ التوتر الدائم في العلاقات بين العرب والإيرانيين برغم كثرة الأواصر المشتركة. بل إن كتاباته تلقي الضوء على جذور الإخفاقات التي تعرضت لها تجربة الثورة الإسلامية في إيران.
و هذا الكتاب الذي بين أيدينا، والذي يحمل عنوان “التشيع العلوي، والتشيع الصفوي” هو في الأصل عبارة عن محاضرات ألقاها الأستاذ شريعتي في حسينية الإرشاد بطهران عام 1971، وبالنظر لأهميتها فقد تم ترجمتها وتقديمها لقراء العربية في هذه الطبعة التي بين أيدينا والتي جاءت متضمنة للنص الكامل لها؛ إلى جانب نص آخر كان الدكتور شريعتي قد كتبه تحت عنوان “التشيع الأحمر والتشيع الأسود” وذلك ليكون بمثابة مقدمة توضيحية لمسرحيته “سربداران” التي لم تعرض في ذلك الحين إلا ليلة واحدة.