“الشوارع مملوءة بالناس، والكل معلق بصره في السماء، والدهشة تتنزه على الوجوه بطلاقة… كان حدثاً مثيراً لا يمكن تصديقه، ولولا حدوثه أمام أعيننا لظننا أنه إحدى التعليقات الإعلانية التي ابتلينا بها مؤخراً، وعلى أبعد احتمال أن يظن الرائي أن بالوناً كبيراً أطلق في الجوّ لتلهية أبنائنا، خصوصاً أن إسماعيل “أبو حمد” قد توعد بإطلاق طائرة كبيرة تعيد له زبائنه الذين فقدهم في الألعاب المستحدثة، لكن هذا الاحتمال مات فجأة حين تراكض عليه القوم، وهم يسكبون اللوم على العمدة الذي فقد شاله الحلبي أثناء الركض، وبقي بفردة حذاء واحدة يزجرهم عن مواصلة تقريعه: قدر الله وما شاء فعل، خرجنا جميعاً نركض في الشوارع والأزقة، كانت ملأى بالناس، بدأ الركض من حيِّنا ثم تواصلت الأقدام وتوالدت الأزقة والشوارع والميادين. أناس لو قدر لراءٍ من علٍّ رؤيتهم لجزم أن كارثة عظيمة حلّت بمدينتنا، حيث كان البشر يركضون إلى خارجها في اتجاهات مختلفة كخلايا النمل، ولم يكن ركضاً منتظماً فطغت العشوائية وتَلاقَقَتَنَا الشوارع وتداخلت أصواتنا كل يوصي الآخر بالركض في اتجاه مختلف. وانبرى كثير منا للتشهد، والاستغفار بعد أن صاح أحد الشيوخ: والله إنها القيامة ولو لم تكن فهي فاتحة لها”.