فرق كبير بين أن يتلوث الإنسان وبين أن يكفر إذ يقف عبد الله القصيمي موقفاً واضحاً من هذه المسألة التي قد تثقل على الكثيرين وتشق عليهم. وهو إذ يخشى أن يبالغ العربي في إيمانه لا يخشى أن يكفر، فإن كان التلوث مستوى أعضاء فإن الإلحاد مستوى عقل وأخلاق وهو مستوى من الصعب أن يستدرج إليه العقل العربي.. خواطر حول الوجود والإنسان والعقل والإيمان أودعهما المؤلف صفحات هذا الكتاب الذي يعكس معاناة عقل متحرر وثاب يتطلع إلى فهم أفضل لحقائق الوجود ويدعو لمواجهة الذات والآخر بعقل متفتح. عقل يرى أن نقد الذات هو أعلى مراحل الوجود، يؤمن بأن الإنسان يستطيع أن يصير أفضل مما يفكر ويريد.
وهو يأخذ على من يلتمس الفضيلة النفسية والأخلاقية بواسطة الجمود العقلي ظلاله وإسرافه في تغطية نفسه وجرائرها. إن موضوعات أخلاقنا بنظره هي دائماً مواقعنا، لا حوافزنا ولا أهدافنا لأن هذه لا يصح نقدها ولا توجيهها. إن معنى أن يكون المرء منطقياً يعني أنه يحترم ما يريد، لكن الإنسان لا يولد منطقياً بل يتعلم المنطق بالضرورة والالتزام كما يتعلم اللغة والصلاة.. ولكن كيف لإنسان أن يحيا كل الحياة دون أن يموت بعض الموت، إن البشر محتاجون دائماُ إلى إطفاء حرائقهم الكبرى التي تأتي على ذواتهم ولا يتم لهم ذلك إلا عبر عمليات إطفاء منظمة تقدمها التعاليم في كل مستوياتها.