ومن علماء السلوك من يقدم التوبة على غيرها من منازل السالكين، ومقامات الصالحين، كما فعل الإمام الغزالي في كتابه «منهاج العابدين»، حيث جعل «عقبة التوبة» هي العقبة الثانية بعد «عقبة العلم» الذي اعتبره أول ما يجب عبوره واجتيازه لمن ينبغي الوصول إلى الله تعالى، أي إلى رضوانه وحسن مثوبته. وفي «الإحياء» جعل للتوبة الكتاب الأول من «ربع المنجيات»، ولكني في هذه السلسلة لم ألتزم ترتيبًا معينًا، إنما أقدم للنشر ما يفتح الله تعالى علي بإنجازه، وقد يمكن ترتيبها فيما بعد ترتيبًا منطقيًا.
إن علم التوبة: علم مهم، بل ضروري، والحاجة إليها ماسة، وخصوصًا في عصرنا، وقد غرق الناس في الذنوب والخطايا، ونسوا الله فأنساهم أنفسهم، وتكاثرت عليهم المغريات بالشر، والمعوقات عن الخير، وتكالبت على صدهم عن سبيل الله، وإغرائهم بسبل الشيطان: وسائل جهنمية، وأجهزة جبارة، تقرأ وتسمع وتشاهد، وتؤثر بالصوت وبالصورة وبالغنم واللحن، وبالتمثيل والتهويل..