إن فكرة الترغيب والترهيب فكرة أساسية في الدين، وهي مبنية على أساسين: أولهما أساس ديني، ويعني ذلك عقيدة الثواب والعقاب: ثواب الله لمن آمن به وعمل بطاعته، وعقابه لمن أعرض عنه وعصاه. وثانيهما أساس نفسي معترف به لدى المؤمنين بالدين والجاحدين له. هذا وإن فكرة الترغيب والترهيب أو التبشير والإنذار واضحة تمام الوضوح في القرآن الكريم، والحديث الشريف. فالقرآن حافل بصور الوعد والوعيد، ومشاهد القيامة، وأهوال الآخرة، وأحوال الجنة والنار، وما ينتظر المؤمنين الأتقياء من نعيم مقيم، وما يعد للكافرين الطغاة من عذاب أليم.
وكما أن القرآن الكريم حفل بألوان من الترغيب والترهيب، أو التبشير والإنذار، فإن السنة النبوية قد حوت كذلك منهما ألواناً وأنواعاً أكثر وأغزر بحكم ما اقتضته طبيعة السنة من السعة والتفصيل. ولهذا يجد دارس السنة أحاديث الترغيب والترهيب مبثوثة في تضاعيف كتبها. وهذا ما جعل بعض أئمة الحديث من قديم يشمرون عن سواعدهم لجمعها من مظانها المختلفة وأفرادها بالتصنيف. من هؤلاء الإمام الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، الذي ألف كتابه في الترغيب والترهيب جامعاً فيه ما كان في كتب من تقدم في هذا الموضوع. فجاء الكتاب حافلاً حاوياً لما في الكتب المتقدمة من أحاديث الترغيب والترهيب منقحاً وخالياً من الأحاديث الموضوعة. وهو أصلى هذا “المنتقى” الذي انتقاه وقدم له وعلق حواشيه ووضع فهارسه الدكتور يوسف الفرضاوي.