«وهكذا جاءَ مُسلسلُ الاغتيالِ والعنفِ والتَّصفيةِ الجسديَّة، لإعادةِ تثبيتِ هيبةِ الدولةِ التي تَرنَّحتْ في أُحُد، ولإعلانِ الإصرارِ الذي لا يَتزحزَحُ على استدامةِ الدولةِ وسيادتِها والحِفاظِ على مُستقبلِها، ولو مَعَ التضحيةِ بأرواحٍ كثيرة.»
يَعرِضُ «سيد القمني» رُؤيتَهُ المُمنهَجةَ حولَ نشأةِ الإسلامِ والدوافعِ الزمانيَّةِ والجغرافيةِ حولَ حُروبِهِ الأولى في غزوَتَيْ بَدْرٍ وأُحُد؛ فمِن مُنطلقِ مُجتمعٍ أرستقراطي، خرَجَ الإسلامُ مِن مكةَ إلى المدينة؛ ومن ثَمَّ كانَ على الرَّسولِ أنْ يُحاولَ إضعافَ مكانةِ مكَّةَ التجاريةِ حتَّى يُخضِعَها لسيادةِ الدِّينِ الجديد، ومِن أجلِ ذلكَ خرَجَتْ سَرِيَّةُ «عبد الله بن جحشٍ» لتُقاتِلَ في الأَشْهُرِ الحُرُم، ومِن بعدِها خرجَ الرسولُ مُحاوِلًا تصيُّدَ عِيرِ قريشٍ التي كانتْ في قافلةِ «أبي سفيان»، وبالرغمِ من نَجاةِ القافلةِ مِنَ الوقوعِ في أيدِي المُسلمين، فإنَّ الدوافعَ الاقتصاديةَ كانَتْ وَراءَ رَغبةِ قُريشٍ في استعراضِ قُوَّتِها في بَدْر، إلَّا أنَّها مُنِيتْ بالهزيمةِ نتيجةَ الانقساماتِ الداخليةِ الَّتي عانَى منها الفريقُ القُرَشي، وهيَ الانقساماتُ نفسُها التي أدَّتْ إلى هزيمةِ المُسلمينَ فيما بَعدُ في غزوةِ أُحُد؛ ومن ثَمَّ اتَّجهَتِ الدولةُ الإسلاميةُ الوليدةُ بعدَها إلى التخلُّصِ مِنَ المُعارِضينَ لها، وتَوْحيدِ الصفِّ الداخِلي.