يقول سيد القمني في إحدى مقالاته الواردة في هذا الكتاب والتي تأتي تحت عنوان شكراً بن لادن بأن الإسلام قد أصبح المعدل المطلوب أمريكياً عنواناً لمناقشات ممنوعة في الإعلام العربي والإسلامي والعالمي بعد ضربة الحادي عشر من سبتمبر 2001، وعزم الولايات المتحدة الأمريكية على التدخل في ثقافات المسلمين، ضمن حملتها الدولية الموسعة على الإرهاب العالمي، من أجل إعادة صياغة المفاهيم التي يسلك بموجبها المسلمون مع أنفسهم أو مع العالم، لضمان ما تراه استقراراً أمنياً لها ولنا وللعالم من وجهة نظرها، بعد أن عاشت زمنها السابق وفق حسابات مصالحها ومصالح شعبها فقط، فخالفت شرار الأرض كما هو حالها مع العنصرية الإسرائيلية، وصادقت أعتى الأنظمة القمعية في دول العالم الثالث بغض النظر عن أحوال شعوبه، وأدامت سلطات هذه الأنظمة التي نشرت الفساد في مواطنها مع قهر العباد، وشجعت عزل تلك الشعوب عن الحداثة وحجبتها عن التطور بتشجيع السلفيات المنوعة، وهي الخط النظري الذي يجمع الشعوب مع سلاطينها استجابة لحميمية رغبة هذه الشعوب في عدم تسرب أي غريب إلى خصوصيتها الثقافية العزيزة عليها،
بغرض إبقاء تلك الشعوب في حالة سكونية خارج حركة التاريخ المتسارعة مع الاعتماد على الأنظمة الحاكمة للحفاظ على المصالح الأمريكية في مناطقها، وهو ما أدى إلى انتشار الجهالة المعتمة الضامنة للاستبداد السياسي. لكنه زرع في الوقت نفسه حقداً حضارياً متنامياً في تلك المواطن، خاصة مع مواقف الحليف الأمريكي من القضايا العزيزة على الشعوب. ويمضي سيد القمني في انتقاداته السياسية كاشفاً عن مكامن الخطأ في الوضع السياسي العربي، ومفسحاً في المجال للقول أكثر وأكثر عن تلك السياسة الدولية بصورة عامة والأمريكية بصورة خاصة والتي تهدف وبكل إخلاص إلى اختصار الشعوب تحت مبادئها وذلك من خلال وسائل قمعية فكرية عسكرية شتى. فهل تحدث سيد القمني بما يخالف الحقيقة… بالطبع لا وإلا لما واجهت مقالاته تلك صدّاً من قبل الصحافة حيث يقول في مقدمة كتابه بأن موضوعاته هذه لم يقيض لها النشر في حينها، وقت سخونة الأحداث، بعد أن رفضتها كل الصحف مستقلة أو حزبية، يمينية أو يسارية أو وسطاً، وبالطبع الحكومية جميعاً مضيفاً بأن بعضها اتصل رئيس تحريرها بالمؤلف ليبدي احترامه وأسفه اللطيف مع استعداده للنشر إذا قام المؤلف ببعض التعديلات. ومن يومها وهي حبيسة أدراج مكتب المؤلف حتى تمّ نشرها في هذا الكتاب دون إجراء أي تعديلات.