يطرح هذا الكتاب فكرة ضرورة . إنشاء علم جديد في مقابل الإستشراق باعتبار أن الإستشراق هو دراسة للحضارة الإسلامية من باحثين ينتمون إلى حضارة أخرى ، ولهم بناء شعوري مخالف لبناء الحضارة التي يدرسونها ، ويكون موقفنا من التراث الغربي هو تعبير عن
وعينا بهذا العلم ومادته الأساسية، وبالتالي يضيع الخطر الماثل حاليا اعتبار الحضارة الأوروبية مصدر كل علم ، وما سواها من حضارات تعيش عليها ، وتنتظر منها النظريات والمذاهب . لقد خلق هذا الموقف انحراف الحضارات غير الأوروبية كلها ، وانحسارها عن واقعها، وبترها من جذورها ، والإرتباط بالحضارة الأوروبية والدخول في فلكها باعتبار أنها الحصيلة النهائية للتجربة البشرية. وبلغة هيجل نقول أصبحت كل حضارة مغتربة، خارج نفسها ، مرتبطة بشيء خارج عنها .
ومن هنا تكون مهمة هذا العلم الجديد، علم الاستغراب هي إعادة الشعور غير الأوروبي إلى وضعه الطبيعي ، والقضاء على اغترابه ، وإعادة ربطه بجذوره القديمة. وإعادة توجيهه إلى واقعه الخاص. من أجل التحليل المباشر له ، وأخذ موقف بالنسبة لهذه الحضارة التي يظنها الجميع مصدر كل علم، وهي في الحقيقة حضارة غازية الحضارة أخرى ناشئة نشأة ثانية أو تعيش عصر إحيائها ونهضتها :