من أول وهلة يتسرب للأذهان ما يرحل بهذا الكتاب لأزمنة سالفة مضت عليها سنون عددا.. لقد ألف الشيخ الغزالي هذا الكتاب سنة 1947 تكملة لكتابه الأول ‘ الإسلام والأوضاع الاقتصادية ‘٬ ومن ثم فهو امتداد للمؤلف السابق عليه. والكتاب صورة حية رائعة لموقف الإسلام من أوضاع أعلنها الملحدون حلا للفقر وقلة الحاجة.. حلا لأحوال طبقة معينة خاضعة لبعض الأنظمة المستبدة..
الكتاب تعديل وضبط وتصحيح لتلك الآراء وبيان موقف الإسلام جليا بصورة كتب لها الخلود والاستمرار ولم يقدر على تخليد الآراء سوى الشيخ الغزالي. وفى الكتاب دراسة فقهية لكثير من الأسئلة تضج بها لجان وصفحات الفتوى في المؤسسات الدينية. والشيخ بهذه الدراسة يسبق علماء عصره والسابقين في طريق هذا المجال الصعب٬ وإن كتب بعده الشهيد سيد قطب والدكتور ‘ مصطفى السباعى ‘ واستعان الدكتور القرضاوى بآراء الشيخ الجديرة بالتسجيل في كتابه الشهير ‘ فقه الزكاة ‘ وغيرهم من أساتذة الجيل ورواد الاقتصاد والفكر الحر.
ومن الصعب أن نوجه للكتاب نقدا يستحق التسجيل إلا أن الشيخ نقد نفسه بمنتهى الشجاعة ورفض تسمية ‘ الاشتراكية ‘ وسجل ندم الدكتور مصطفى السباعى رحمه الله على استخدامه لفظ الاشتراكية ٬ والسبب أن الاشتراكيين الشيوعيين تركوا رأى الإسلام ومنهجه الاعتدالى واعتبروه دليل مشروعية لمناهجهم الاشتراكية!