هذه الدراسة تتميز عن صوفية الغزالي -رحمة الله- بأنها حققت النظرة المعرفية التي يتبناها، ومناهج البحث التي تسندها وتبعاً لهذا فإنها وفقت في ملاحقة واستنباط معالجة العديد من القضايا التي حفل بها فكره، وهي متشعبة ونجحت في وضعها في مكانها المناسب من البنية المنطقية والمنهجية في فكره. فأثبتت من غير شك بأن خطاب الغزالي متماسك الرؤى متلاحم الأجزاء، على عكس ما أشيع عنه، الأمر الذي خفف حدة الإشكالية التي اصطبغ بها وساعد على تخليصه مما ألحق به من أوهام أو الصق به من مثالب.
وفضلاً على هذا فقد لفتت الدراسة الانتظار إلى أهمية (سياسة العلم) التي أخذ بها الغزالي وصمم على أساس منه خطابه، وبينت دورها الخطير في تشكله. كما أنها حللت مفهوم (النور) عنده وهو مفهوم مركزي في خطابه، حيث بينت أنه لا يخرج عن العقلانية بحال، وكذلك تحققت من ركون الغزالي إلى الظاهر البرهاني والتزامه به قبل أن يتجاوزه في محاولة الارتياد وتأسيس عقلانية أرحب وأرقى.