كتاب (إحياء علوم الدين) من الكتب التي لقيت عناية كبيرة لدى أهل العلم، فهو كتاب جامع في الأخلاق والسلوك والمواعظ، ومؤلفه أبو حامد محمد الطوسي الغزالي المتوفي سنة (505هـ) الإمام صاحب التصانيف الكثيرة في كثير من الفنون: الفقه، والأصول، والفلسفة، والكلام، والتصوف.
فقد قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (19/339): (أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب، ورسوم، وزهد من طرائق الحكماء ومنحرفي الصوفية، نسأل الله علما نافعاً). ومما يؤخذ على الكتاب أيضاً ذكره لبعض شطحات المتصوفة وأغاليطهم, كما أنه يتضمن بعض المخالفات في العقائد والعبادات والأخلاق.
وقد اختصره غير واحد من أهل العلم حرصاً على أن يستفاد مما فيه من خير بحذف ما سواه، ومنهم ابن الجوزي الذي حذف الأحاديث الموضوعة والواهية، وعمد إلى ما لا طائل من ورائه مما احتوى على بعض المخالفات، فحذفه، وسمى كتابه (منهاج القاصدين) وقال في مقدمته: (فاعلم أن في كتاب الإحياء آفات لا يعلمها إلا العلماء وأقلها الأحاديث الموضوعة، والموقوفة قد جعلها مرفوعة، وإنما نقلها كما اقتراها لا أنه افتراها….) ثم يقول: (وكيف أوثر أن يطرق سمعك من كلام المتصوفة الذي جمعه، وندب إلى العمل به ما لا حاصل له، من الكلام في الفناء والبقاء، والأمر بشدة الجوع، والخروج إلى السياحة في غير حاجة، والدخول في الفلاة بغير زاد إلى غير ذلك….). ثم قال: (وسأكتب لك كتابا يخلو عن مفاسده ولا يخل بفوائده). انتهى. ثم اختصر المقدسي (منهاج القاصدين) هذا في كتابه (مختصر منهاج القاصدين)، وهناك مختصرات أخرى.