طريق الساحل المؤدي إلى الجنوب لا يشي أبداً بأن هناك فرقاً بين الفريقين ليذهب السائرون فيه إلى الجحيم، طريق الساحل ثعبان طويل في كل شبر منه ناب سام يتقرب، طريق الساحل لعنة من لعنات الله على الأرض خط واحد يلتهم الناس بشبق، طريق الساحل نعش أسود وعواصفه نائحة ثكلى تزعجنا دوماً، وجيب أبي “السوزوكي” يشق الطريق إلى واد في تهامة أغبر ملعون.
في هذا الطريق لا بد أن تستفرغ (مرة أو مرتين) والسائرون فيه (لا يتوبون ولا هم يذكرون)!
دماء دافئة على الإسفلت، مخ متناثر، فروة شعر مدعوسة، امرأة ميتة شبه عارية ملطخة بالدماء…
الطريق شمس حارقة ودماء سوداء يابسة وجمال سائبة وحمير تدور يوماً كاملاً ليخرج لترين من زيت السمسم، ورمال “صفراء فاقع لونها لا تسر الناظرين”! شساؤات من طراز قديم على قارعة الطريق، رعاة جففتهم شمس الجنوب وهموم تحت خيام “الخباتيه”!
في الوقت الذي ينجرف فيه أهل الجنوب إلى الشمال الإسمنتي المكتظ بوباء المدنية بحثاً عن لقمة العيش يقرر (زهران) الانصياع لأوامر والده لكي يتجه جنوباً ليعيش مع جده بواد في تهامه أغبر ملعون ليسكن أرضاً خربة وينقلب هو خلقاً آخر.