كان حسن البنا أنموذجاً رائعاً في العلماء الدعاة والقادة المصلحين الذين برزوا في الأمة الإسلامية في القرون الأخيرة من تاريخها.
لقد تميزت شخصيته بصفات عظيمة شارك في بعضها عدد من الرجال، لكنه فاق الجميع في اجتماعها كلها في شخصيته، وفي قوة تمثل هذه الصفات فيه وانفعاله بها!
فقد كان عالماً فقهياً واسع الإطلاع على فنون العلوم الإسلامية، وكان داعية موهوباً، تأثر بدعوته ملايين الناس، وكان ذا قدرة عجيبة على العمل المتواصل واستغلال الوقت والانتفاع به، وكان قائداً حكيماً استطاع أن يخاطب المحبين والمبغضين، وأن يوصل كلمته إليهم جميعاً. وقبل هذا كله كان رجلاً صادقاً مع الله، أخلص العمل له، فصدقه النية، وعاش يطلب مرضاته، ويجاهد في سبيله، فانتشرت دعوته رغم كثرة الأعداء وقوتهم، ولا تزال تؤكد وجودها وقوتها بعد استشهاد مؤسسها بنصف قرن!!
لقد دعا حسن البنا المسلمين إلى أن يعودوا إلى قرآنهم وسنة نبيهم، وأن يعيشوا الإسلام بسلوكهم، وينفوا عنه كل دخيل، وأن يكونوا رجال عصرهم علماً وقوة وصناعة، لذا كانت دعوته هي أقرب الطرق الموصلة للإسلام الحي الكامل الفاعل، وقد جمعت كل خير في الدعوات الأخرى، وانتقت عنها سلبياتها. ومن هنا كثر أعداء هذه الدعوة، وطال صراعهم لها، فأصابها من بأسهم ما أصابها، ولحق ببعض رجالها ما لحق بهم ضعف. بيد أنها أثبتت وما تزال أنها دعوة قوية، وأنها طريق الخلاص لهذه الأمة مما تعاني، ولا عجب، فهي دعوة دين الله الذي بعث به خاتم رسله، ورضيه لعباده ديناً قويماً.