في روايته “من أجل ولدي” يصف الكاتب “محمد عبد الحليم عبد الله” قصة الحب العائلي والمرأة في صورها الأربع أم وزوجة وحبيبة وعشيقة يقصها علينا بواقعية الحدث ورومانسية الحلم، يجسد فيها يوميات وأحلام الطبقة الفقيرة، الأب موظف بدخل ثابت ومتدني والأم لا تعمل، يعيش الإثنان على أمل أن يرزقهم الله بولد، بعد أن كان يتوفى كل وليد تلده هذه المرأة، تتوالى الأيام ترزق العائلة بفؤاد ثم بدرية ثم سميرة، أحسنت الأم تربية أولادها بعد وفاة زوجها بمساعدة إبنها الأكبر وعمله كموظف حكومي، فيشعر أنه لا جديد في حياته والأم لا تزال حزينة وضعيفة وضحية لفوضى الأيام والفقر الذي أنهك العائلة، يصف والدته حين ينظر إليها في فراش الموت “أما أنا فلم أتكلم، لم يكن في قلبي لها إلا كل حب وإشفاق، بل شعرت أنها مظلومة، ماذا أخذت من حياتها إلا الحب الذي أورثها المخاوف؟!”.
رواية ممتعة ومؤثرة في آنٍ معاً تشترك في تفاصيلها غالبية الأسر في زمن السبعينات من هذا القرن حيث يعود بنا الروائي إلى تلك الحقبة التي عانى فيها الناس من أحوال معيشية صعبة، متأثراً بالأوضاع الإجتماعية والنفسية والحياتية وتأثيرها على النفس البشرية، حيث كانت مقولة القناعة كنز لا يفنى والرضى بالأمر الواقع والإتكال على الله هي مقومات الحياة والدافع إلى البقاء حتى ولو دفع الإنسان من عمره وصحته في سبيل هذه القيم كحال الأم التي ضحت واستسلمت للقدر… وتبعها ابنها فؤاد فبقي وحيداً…!.