يتساءل الكثير من المسلمين عن أسباب الإختلاف بين الفقهاء والمذاهب، وربما يذهب الظن ببعضهم – أحياناً – إلى أن هذا الإختلاف إختلاف في أصل الدين والتشريع، فهو كإختلاف أصحاب الديانات الأخرى التي نالها التغيير والتحريف والتبديل، وربما يهذل الظن ببعض آخر أنه إختلاف ناشئ عن الهوى والتعصب وحب الظهور، والحصول على المراتب والمناصب، لتحقيق الغايات والمآرب.
ويستقل هذا التساؤل وهذا الظن أو ذاك، أصحاب الأغراض والمقاصد، الذين يتربصون بهذه الشريعة وأهلها الدوائر، فينشطون إلى تشويه حقائقها والطعن في حامليها.
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يتناول دراسة أصول التشريع الإسلامي وأثر الأدلة المختلف فيها، هذا وإن هذه الدراسة، أي دراسة الأصول بماحثه ومواضيعه إنما هي بيان لمصادر التشريع المتفق عليها والمختلف فيها؛ وفي هذا جلاء ساطع، ودليل قاطع لما امتازت به هذه الشريعة من عموم وشمول، وعناية بشؤون الحياة؛ بحيث تكون مطيّة للنجاة، مع قيامها على أحسن حال من أحوال العمران وأنها شريعة أبدية خالدة، مرنة، تمد الحياة بمختلف أطوارها، وتعدد جوانبها بالأحكام الشرعية لكل حادثة تحدث إلى أن يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها.