اهتم قدماء المصريين بالطب من قديم الزمان ،كما استبان من نقوشهم وقراطيسهم الطبية التي تبتدئ تاريخيا من ظهور العائلات الملوكية ويستمر إلى ما بعد حكم اليونان. ومن الغريب أن الفكر السائد الآن يجعل أبقراط أبًا للطبّ وأن العلاج الحقيقي يبدأ من عهد هذا الرجل العظيم، لكن وضح الأمر لنا جلياً بأن هذه العقيدة خطأ لعدم مطابقتها للواقع لأن أبقراط استمد كثيراً من الطب المصري، وأن المصريين هم الذين أسسوا الطب ودوّنوه. وما علينا إلا أن نراجع الأوراق الطبية المعروفة باسم هيرست ولندرة وبرلين وإيبرس وزويجا وغيرها، مما يؤيد لنا هذه الحقيقة ويؤكدها لنا فن التحنيط وما أظهروا فيه من البراعة التي فاقوا بها غيرهم، لأنهم استحضروا العقاقير الحافظة للجسم الواقية له من العفونة والفساد. وهذا ما حمل هيرودوت المؤرخ اليوناني الشهير على أن يذكر في تاريخه أن المصريين هم الذين انفردوا بممارسة فن التحنيط،وأحرزوا فيه النجاح الباهر والتقدم الظاهر، وأنهم كانوا على معرفة جيدة في الطب، وأن أطباءهم كانوا منذ العهد القديم يختص كل منهم بفرع من فروعه العديدة فمنهم الاختصاصي في أمراض النساء وأمراض العيون وأمراض الرأس والرقبة، وأنهم كانوا يتبعون في علاجهم طرقًا وقوانين يعاقب عليها كل طبيب خالفها وأن الأطباء كانوا يتقاضون مرتباتهم من مالية الحكومة.