ھذا الكتاب مدونةٌ ، كَتبتُ أسطرھا مع الأنفاس الأولى للثورة المصرية التي تحولت إلى مجرد إنتفاضة لشعبٍ مقھور، بعد تسعة أشھر من قيامھا، كانتفاضة الشعب الفلسطينيّ تحت القھر الصھيونيّ . وكان ذلك الإحباط بفعل عدة عوامل، تعاونت على إثم ھذا الفشل الذي حدث على غير غفلة من المراقبين.
وكما سيرى القارئ، أن على رأس ھذه العوامل، المجلس العسكريّ الحاكم، الذي تعمّد قھر الثوار، وتكبيل حركتھم، وإصدار كلّ ما من شأنه قمع ھذه الثورة وتحجيمھا، والإمتناع عن إصدار ما يعينھا ويقوّ يھا. ثم الإسلاميون، من الإتجاھين الرئيسين، الإخوان والسلفيون. الإخوان تحركوا بمنھجھم لا يغيرونه، منھج الإنتھازية ومنطلق المصلحة الذاتية، والسلفيون، كانوا كمحدث النعمة، لا يعرفون كيف يتحركون وماذا يفعلون، فطروا على الساحة، دون أن يكون لھم أدنى أثر في أيّ تغيير محتملٍ .
ھذه السطور التالية تحمل سجلاً للأحداث، وتقييماً لشخصيات وحركات، وتفسيراً لمواقف ولقراراتٍ ، صَنعت في مجموعھا ما تعارف عليه الناس الآن أنه أحداث “ثورة يناير”، وذلك من منطلق فھم أھل السنة والجماعة، وبناءاً على أصولھم الخالصة، بلا اختلاط أھواءٍ تجر اليھا رغبة في مقعد بالبرلمان، أو ترشيحٌ لرئاسة حزب أو جماعة.وقد وافق تحليل الكاتب وتقديره، بفضل لله ثم بصحة إتباع المنھج، ما أتت به الأحداث في أكثر المناسبات، وإن خالفھا في قليل من التوقعات، كما حدث في توقع أن تتبع الثورة اليمنية أو الجزائرية ثورة تونس. كذلك، سيرى القارئ العزيز، كيف تتغير وتتبدل النظرة الفقھية بناءاً على تغير الواقع يوماً بيوم، وھو ما يجب أن يكون نبراساً لناشئة الشباب الإسلاميّ، بأن يتيقنوا أن الفتوى الشرعية قد تتبدل يوماً بعد يوم، وأن من ثَبت على الفتوى رغم تبدل الظروف والأحوال، ولو استقر الأمر على ما أفتى به، رغم تغير الأحوال، لم يُصب الحق، كما ثبت عن سلفنا الصالح “من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ”.