بحث في الثقافة التقليدية وعلاقتها بالتربية القومية
يَبدو أنَّ قضيةَ تطويرِ التَّعليمِ وجعلِه مُواكِبًا لرُوحِ العصرِ وتحدِّياتِه كانتْ حاضِرةً على الدَّوامِ في عقولِ وأذهانِ مُثقَّفي مصرَ ومفكِّريها منذُ عقود؛ فعُقِدَتِ المؤتمراتُ المُوسَّعةُ التي ضمَّتْ كبارَ رجالِ التَّعليمِ والنُّخَبِ المُثقَّفة، واستُقدِمَ خُبراءُ التَّدريسِ الأجانبُ للمشارَكةِ في وضعِ الخططِ المناسِبةِ ونقلِ تجاربِ بلدانِهمُ النَّاجحةِ وجعْلِها واقعًا عَلى أرضِ مصر، ولكنْ يبدو أن المفكِّرَ الكبيرَ إسماعيل مظهر كان له رأيٌ آخَرُ في هذه المسألة؛ فهو يرى أنَّ التَّعليمَ الجَيِّدَ هو الذي يرتبطُ بثقافةِ أهلِ البلاد، ويُنشئُ أفرادًا مُستقلِّينَ في الرَّأيِ والخُلقِ والفِكْرِ على دِرايةٍ بمُشكلاتِ بلادِهم، وبالطَّبعِ لا يَلمسُ المُشْكلاتِ المحلِّيةَ إلا أَهلُ البلادِ الأَدْرى بشِعَابِها، الذين يُمكِنُهم وَضعُ سياسةٍ تعليميةٍ مُرتبطةٍ بثقافةِ البلادِ وخُصوصِيَّتِها تَفكُّ عنها أَغلالَ التَّبَعيَّةِ للغَرْب.