هذا الديوانُ حنينٌ متَّصلٌ إلى الصِّبا وذِكرياتِ الحبِّ العُذْري، وانتظارٌ محمومٌ في زمنٍ لم يَعُدْ فيه جَدوى من الِانْتظار، بينما الموتُ يَخْطو مقتربًا والشِّعرُ يأسُو ويُواسي. «شناشيلُ ابنةِ الجلبيِّ نوَّرَ حولَهُ الزَّهرُ»؛ صورةٌ تَبرقُ في خاطرِ الشاعِر، تَحملُ ذِكرى من ذِكرياتِ صِباهُ طوتْها السِّنُون، لكنَّه وإنْ مسَّهُ الشيبُ وداخَلَهُ السَّقَم، لا يزالُ يَذكرُ تلصُّصَهُ على شُرفةِ ابنةِ الجلبيِّ الجميلةِ التي لم تكُنْ تُبادِلُه الأشواقَ والنَّظَرات، لكنَّه وبعدَ ثلاثينَ عامًا، لا يَزالُ مرتديًا قصيدتَهُ يَرقُب: «ربما ائتلقَ الشناشيلُ، فأبصرتُ ابنةَ الجلبيِّ مُقبِلةً إلى وعدي!» في الوقتِ الذي كانتْ فيه زوجتُهُ «إقبال» مِثالًا مُنقطِعَ النظيرِ للوفاءِ بالوعد، والتزامِ جانبِ الوُدِّ والمحبَّة، حتى غسلتْ مَحبَّتُها قلبَهُ من حبِّ كلِّ مَنْ كُنَّ قبلَها من حبيبات، يقولُ لها: «وما مِن عادتي نُكرانُ ماضِيَّ الذي كانا، ولكنْ … كلُّ مَن أحببتُ قبلَكِ ما أحبُّوني.» ليُزيِّنَ باعترافِه هذا وعاطفتِهِ الفيَّاضةِ نحوَ رفيقةِ عمرِه ديوانَهُ الأخير.