إن الله – تعالى – بعث محمداً صلّى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق؛ رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجّة على العباد أجمعين؛ فأدى الأمانة، وبلّغ الرسالة، ونصح الأمة، وبيّن للناس جميع ما يحتاجون إليه في أصول دينهم وفروعه، فلم يدع خيراً إلا بيّنه وحثّ عليه، ولم يترك شرًّا إلا حذّر الأمة عنه، حتى ترك أمته على المحجّة البيضاء، ليلها كنهارها، فسار عليها أصحابه نيّرة مضيئة، وتلقاها عنهم كذلك القرون المفضلة، حتى تجهم الجو بظلمات البدع المتنوعة التي كاد بها مبتدعوها الإسلام وأهله، وصاروا يتخبطون فيها خبط عشواء، ويبنون معتقداتهم على نسج العنكبوت. والربّ – تعالى – يحمي دينه بأوليائه الذين وهبهم من الإيمان، والعلم، والحكمة ما به يصدُّون هؤلاء الأعداء، ويردون كيدهم في نحورهم، فما قام أحد ببدعة إلا قيض الله – وله الحمد – من أهل السنة من يدحض بدعته، ويبطلها
ومما ألّفه في هذا الباب رسالة “الفتوى الحموية” التي كتبها جواباً لسؤال ورد عليه في سنة 698 هجرية مِنْ “حماة” بلد في الشام، يسأل فيه عما يقوله الفقهاء وأئمة الدين في آيات الصفات وأحاديثها؟ فأجاب بجواب يقع في حوالي 83 صفحة، وحصل له بذلك محنة وبلاء، فجزاه الله – تعالى – عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء