طه حسين من الانبهار بالغرب إلى الانتصار للإسلام
كانت رسالة هذا الكتاب – الذي نقدم بين يديه – هي تلمس التطور الفكري الذي مر به طه حسين على امتداد عمره الفكري، وتتبع التطورات – وأيضاً المتناقضات – التي مثلت مخاضاً فكرياً طويلاً وعريضاً وعميقاً أفضى بفكر هذا الرجل إلى الانتصار للإسلام، بعد أن أثار أكبر المعارك الفكرية وأخطرها في مرحلة انبهاره بالنموذج الحضاري الغربي، وتجاوزاته ومجازفاته وجناياته على الإسلام.
ولأن هذه هي رسالة هذا الكتاب: إنصاف طه حسين من أنصاره ومن خصومه جميعاً!.. فإننا.. بتحقيق هذه الغاية – سنخرج أنفسنا من دوائر “الاستنتاجات” و “التأويلات” لمقولات طه حسين.. لندع الرجل هو الذي يتكلم.. وسندع نصوصه هو كي تأخذ بأيدنا وعقولنا عبر هذه المسيرة الفكرية الطويلة، التي شهدت هذا التطور الفكري، عبر عشرات المنعطفات والتناقضات، لنصل – بل ليصل بنا الرجل – إلى المرفأ الذي رست عليه سفينته الفكرية، وفي المرحلة الأخيرة والختامية من حياته الفكرية، تلك التي انتصر فيها انتصاراً صريحاً وشديداً للإسلام الدين.. وللنموذج الحضاري الإسلامي – للعروبة والإسلام -..
ذلك “المرفأ”، الذي وصف فيه طه حسين شعورَه عندما وصل إليه، بأنه “شعور الغريب”، الذي يؤوب ويعود من غربته الغريبة والطويلة جداً إلى وطنه الذي أنشأ أمته، وكوّن قلبَه وعقلَه وذوقَه وعواطفَه جميعاً.. وطن العروبة والإسلام.. مدركاً لما بين الله وبينه من حساب عسير – على مرحلة الغربة الطويلة الغريبة عن وطنه -.. وراجياً أن يجعل الله من عسره يسراً”!.
نعم.. سنجعل نصوص طه حسين هي التي تحكي هذا التطور الفكري.. حتى لكان عنوان هذا الكتاب هو: “هكذا تكلم طه حسين”.. وذلك لتكون صفحاته أفعل في دعوة الفرقاء المختلفين حول طه حسين إلى كلمة سواء!..