الرواية تتحدث عن سبعة من المغتربين من أصل لبناني حضرو لقضاء الاجازة ببيروت مع طبيبة فرنسيةتتحدث غادة السمان في هذه الرواية عن الجوع, الفقر, القمع, الحرية, الحرب الأهلية, الجشع, حلم الشباب العربي بالهجرة, والعديد من الصراعات الاجتماعية
“خائف. إني خائف من زيارتي هذه إلى بيروت. خائف من مدينة أتكلم لغة أهلها ولا أتكلمها حقاً، ولم أزرها منذ ثلاثة عشر عاماً وكنت صبياً على أبواب مراهقة تعمدت ولادتي بالحرب اللبنانية بعد عام من صرختي الأولى في هذا العالم المتوحش. لم أر بيروت على شاشة التلفزيون الفرنسي إلا مسرحاً للحرائق والمعارك والرهائن والموت وتمجيد الموت. خائف من نبوءة الذي يغطي مطار باريس ويعرقل إقلاع الطائرات؛ ربما لأن طائرة بيروت من الضباب… وقدرها من ضباب ورأسي كله من ضباب. ولعل الضباب يتدفق الآن من عيني وأذني وفتحتي أنفي وفمي وثيابي، ولعلي رجل من ضباب. حدّق فواز في وجه دانا. ابتسمت له بودّ أليف. اطمأنّ إذ أدرك أنها لا ترى الضباب الذي يسيل من روحه عبر شقوق جسده، ولا تعرف أنه يراها ضباباً كالمرئيات كلها في هذا اليوم والذكريات كلها وربما المستقبل كله. إذن لم يسقط قناعي التنكري الهادئ عن وجهي.. بالمقابل ربما كان من الأفضل لي فتح جرحي قطبة بعد أخرى والاعتراف بخوفي لنفسي”.
هموم لبنان وشجونه ساكنة في قلب ذاق عذابات أحداثها، رحل عن أرضها خوفاً على حياتهن لكن قلبه ما زال مزروعاً فيها. وفي عوده بعد زمن برفقة آخرين، تنطلق الروائية في استحضار أحداث، مزدحمة بوتيرة الحياة الاجتماعية السياسية الاقتصادية اللبنانية، والتي تتشكل من خلالها صور الحياة بكل متناقضاتها. بكل مساوئها وبكل محاسنها، بفرحها وحزنها، بضيائها وظلامها، بإنسانيتها وبشيطانيتها. رواية وكاتبة وأسلوب سهل ممتنع يرتقي بالعمل الأدبي إلى مراتب الإبداع.