ولد الشيخ الإمام سيدي الوالد عبد الله بن سيدي الشيخ محمد نجيب سراج الدين رضي الله عنه في بيت عرف ببيت الفضل والكرم والعلم وذلك لما اشتهر عن والده رضي الله عنه بحلِ المعضلات العلمية وبيان ما التبس فهمه واشتبه أمره من العلوم والمعارف العالية حيث إن كبار علماء ذلك الوقت كانوا يقصدونه فإذا قال لهم قولاً أذعنوا له وكان قوله هو القول الفصل , ولذلك كانوا يتساءلون فيما بينهم : ماذا قال الشيخ محمد نجيب في ذلك ؟ رضي الله عنه ونفعنا الله بعلومه وبركاته .
وقد عرف عن الشيخ محمد نجيب رضي الله عنه علو المكانة ورفعة المقام والمنزلة في قلوب أهل عصره فقد درج على ألسنة كثير منهم كلمات التكريم والتعظيم لمقام الشيخ محمد نجيب رضي الله عنه إن هم ذكروه أو سمعوا شيئاً من كلامه أو عن مناقبه .
في هذا البيت العامر باليمن والبركة المشهور بالعلم والمعرفة كانت ولادة مولانا الإمام الشيخ عبد الله رضي الله عنه سنة / 1342/ للهجرة الشريفة .
وفي هذا البيت الفاضل المعروف بالنسب والحسب نشأ شيخنا الإمام رضي الله عنه وتربى في أحضان والده العارف الكبير الشيخ محمد نجيب رضي الله عنه ووالدته السيدة خديجة المكتبي بنت الشيخ وحيد المكتبي الذي استشهد في أيام الحرب العالمية الأولى فكفلها عمها العلامة الكبير فقيه عصره السيد الشيخ أحمد المكتبي رحمه الله تعالى .
وقد حظي شيخنا الإمام رضي الله عنه منذ صغره بدعوات وبركات من العلماء والأولياء والصلحاء الذين كانوا يزورون مولانا الشيخ محمد نجيب رضي الله عنه أو يزورهم لأنه كان بصحبته في غالب الأحيان .
وقد تعلم شيخنا الإمام رضي الله عنه تلاوة القرآن الكريم وتجويده في كتاب جامع سليمان الأيوبي عند الشيخ عثمان المصري رحمه الله تعالى ويقع قريباً من دار الشيخ محمد نجيب رضي الله عنه .
كما قرأ عند الشيخ المذكور رحمه الله تعالى شيئاً من قواعد اللغة العربية .
ولما أتقن تجويد القرآن الكريم حبب إليه والده رضي الله عنه استظهار القرآن – يعني حفظه عن ظهر قلب – فشرع شيخنا الإمام في ذلك عند الشيخ عبد الوهاب المصري رحمه الله تعالى في كتاب قريب من جامع العثمانية فاستظهر القرآن الكريم وله من العمر اثنتا عشر سنة .
وكان في تلك الفترة يذهب إلى معهد الفلاح في جامع السلطانية الذي كان يديره الأستاذ الكبير الشيخ محمد خير الدين إسبير وقد تعلم في تلك السنوات القراءة والكتابة وتوسع قليلاً في علوم اللغة العربية وحفظ نصوصاً في البلاغة والشعر كقصيدة :[ بانت سعاد ] للصحابي الجليل كعب بن زهير رضي الله عنه وقصيدة البردة للبوصيري رحمه الله تعالى ، وحفظ شيئاً من القصائد والمدائح النبوية كما حفظ طائفة كبيرة من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان في ذلك كله يحوز على الدرجة الأولى ويتفوق على من معه بأسبقية شهد بها كل من درسه أو سمع له .
سلوكه طريق العبادة والتقرب إلى الله تعالى
لقد حبب الله تعالى إليه منذ صغره تلاوة القرآن الكريم وقراءة [ دلائل الخيرات ] في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام الجزولي رضي الله عنه وبعد أن استظهر القرآن الكريم وهو ابن اثنتي عشرة سنة كان يختم القرآن كل سبعة أيام ختمة وربما في ثلاث خاصة في الأيام الفاضلة كأيام رمضان وعشر ذي الحجة وهكذا لأنه كان أيضاً يراجع محفوظاته من الأحاديث الشريفة وأمهات المتون .
وكان يقرأ كل يوم أيضاً مجموعة الصلوات الإدريسية وهي عدة منظومات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من نظم الإمام العارف بالله تعالى الشيخ أحمد بن إدريس رضي الله عنه وكانت هذه المجموعة وشروحها موجودة في مكتبة والده الإمام الشيخ محمد نجيب رضي الله عنه وتعجبه كثيراً وينشرح لقراءتها لما فيها من أسرار ومعان عرفانية عالية .
ثم وفقه الله تعالى إلى قراءة أوراد السادة الرفاعية رضي الله عنهم ، خاصة كتاب 🙁 السير والمساعي في أوراد سيدي أحمد الرفاعي ) رضي الله عنه ، وكذلك حزب الفرج لسيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه أيضاً .
ثم جمع رسالة في الأذكار والأدعية المأثورة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء ، وكانت هذه من جملة أوراده اليومية رضي الله عنه .
وكانت له أوراد في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأعداد كبيرة ، وأوراد خاصة بباقي الطرق : كالطريقة القادرية ، والطريقة البدوية رضي الله عنهم أجمعين .
وكان يدير حلقة الذكر بأسلوب يتفق مع جميع الطرق الموصلة إلى الله تعالى ، وذلك ليلة الثلاثاء من كل أسبوع في جامع سليمان الأيوبي ، ثم نقله إلى جامع العثمانية لاتساعه ، بسبب إقبال الناس على حضور حلقة الذكر .