كان القسم الأول من هذا الكتاب في السيرة وقد حاولنا في ذلك القسم أن نعطي تصوراً عن السيرة النبوية، وعما هو ألصق بها، واعتبرنا ذلك هو المدخل لبقية أقسام هذا الكتاب، وجعلنا الأقسام اللاحقة في: العقائد، والعبادات، والحياتيات، وتحرير الرقيق، والحكم.
فالقسم الثاني إذن في العقائد، هي أهم مضمونات الرسالة النبوية.
لقد بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالتوحيد، والقيام بحقوق الربوبية، وبمسؤولية الإنسان أمام الله عز وجل.
فالإله واحد؛ وعلى الإنسان أن يقوم بواجب التعبد له، والعبودية له، وذلك هو المظهر الأول لقبول التوحيد، فمن قَبِل التوحيد والعبادة والعبودية فإنه مجازى بالجنة، ومن رفض ذلك فإنه مجازى بالنار.
ويدخل في التوحيد: توحيد الذات، والصفات، والأفعال، وأن الرب واحد، وأنه هو صاحب الحق في التشريع، والأمر والحكم؛ وهذا يقتضي عبادةً وتسليماً.
ويدخل في العبادات: ما اشتهر أنه عبادة من صلاة وزكاة، ويدخل فيها التسليم له سبحانه في كل ما شرع، وطاعته في كل ما افترض وأوجب، سواء في ذلك ما كان علماً على عبادته، أو ما كان من أعلام شريعته، وهذه هي العبودية.
وقد جعلنا ما هو أدخل في العقائد في هذا القسم، وما هو أدخل في العبادة في القسم الثالث، وما هو أدخل في العبودية في القسمين الرابع، والخامس.
والأقسام كلها في النهاية توحيد وعبادة وعبودية، وسوابق لذلك أو لواحق له، ولكن تسهيل العرض جعلنا نضع ما هو أخص بقسم من الأقسام الخمسة بجانب بعضه.