يعتبر محمد الماغوط من أبرز الثوار الذين حرروا الشعر من عبودية الشكل. دخل ساحة العراك حاملاً في مخيلته ودفاتره الأنيقة بوادر قصيدة النثر كشكل مبتكر وجديد وحركة رافدة كحركة الشعر الحديث. كانت الرياح تهب حارة في ساحة الصراع، والصحف غارقة بدموع الباكين على مصير الشعر حين نشر قلوعه البيضاء الخفاقة فوق أعلى الصواري. وقد لعبت بدائيته دوراً هاماً في خلق هذا النوع من الشعر؛ إذ أن موهبته التي لعبت دورها بأصالة وحرية كانت في منجاة من حضانة التراث وزجره التربوي. وهكذا نجت عفويته من التحجر والجمود، وكان ذلك فضيلة من الفضائل النادرة في هذا العصر.