تلك الفكرة هجست بها قد انبجست تحت قدمي كبذرة نبتة تأمل بمستقبل مشرق، كعين ماء تدفقت وانسابت في جداول ظني ويقيني بمسارب عديدة. كأنها كانت مغشية تحت ظل الغبرة الزمن وسلطان أبي، ما أن أزحت عنها تلك الغبرة المتجلدة فوقها، ما أن تحررت من قيد أبي؛ حتى أنبلج شعاعها في نظري، باتت تلمع كجوهرة ثمينة في فكري، متقدة بسحرها، تحثني على البحث عنها والتمسك بها، تجبرني على أن أتبع مسار ومضتها، أستتر بطرقها، عسى أن أنتشل ذاتي بها.
الفكرة طرأت واختمرت في ذهني على وهدة نار هادئة، على وقع مرونة الحال الذي كنت أتصنعه. بدأت أتلمس ضوء الفكرة بذهني، ثم بقلبي، ثم بصبري وبصري ثم ببصيرتي. بهجة فلتت من وسط الغمام الذي كان راكزا فوق رأسي، أهجس بالفكرة كبدر تجلى من بين سحب الدجى، صار يستثير أحلامي السادرة بضيائه ويحفزها على التحرر.