لقد وجدت في هذا العصر الكثير من الطروحات الوضعية التي أراد أصحابها من خلالها أن يوجدوا حلولاً لهذا العصر، ولكن جميع هذه الطروحات فشلت في تحقيق هذا الهدف على جميع المستويات. إذاً لا بد من الحل الإسلامي من خلال ضرورته ومعالمه وشروطه والمكاسب من ورائه وسبل تحقيقه وأمور أخرى في الموضوع.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه ” الحل الإسلامي فريضة وضرورة ” : ” قد فشل الحلاٌن _ الليبرالي والاشتراكي _ في تحقيق نصر عسكري في قضية العرب والمسلمين الأولى؛ قضية فلسطين, أولى القبلتين وثالث الحرمين . فشلت الديمقراطية فشلا, تجسد في هزيمة الجيوش العربية عام 1948, وقيام دولة إسرائيل المزعومة _ كما كنا نسميها لعدة سنوات _ وتشريد مليون مواطن من شعب فلسطين وتحويلهم إلى لاجئين .
ثم بعد تسعة عشر عاما, وبعد تحول عدد غير هين من الدول العربية إلى الاشتراكية الثورية, وبعد الإعداد والتجهيز للحرب, وشراء السلاح بعرق الملايين من أبناء الشعب, واستقدام الخبراء وإطلاق الحناجر ” بالجعجعة ” والوعيد, وبعد أن أصبح العسكريون هم القادة السياسيون أيضا, فشلت الاشتراكية اليسارية فشلا أنكى وأقسى من فشل سابقتها . فقد جاءت بآمال عراض وأحلام عذاب, واقترنت بتصريحات نارية وتهديدات عنترية… وقد تجسد هذا الفشل في هزيمة يونيو 1967 . ثم ضمٌت إلى هذا الفشل العسكري كبيرتين من كبائر الخطايا؛ الأولى أنها جعلت همها إزالة آثار العدوان, وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في4\6\1967, كأنما إسرائيل نفسها ليست قائمة على أساس الاغتصاب والعدوان, وكأنما العدوان الجديد قد أضفى الشرعية على مكاسب العدوان القديم . والثانية تبجحها العجيب, حين اعتبرت ضياع الأرض, وهوان العرض, وانهيار الجيوش, كأن كل ذلك لا يُعد هزيمة _ يفرح بها العدو ويحزن لها الصديق _ ما دامت الأنظمة الثورية باقية في سُدة الحكم . وفي الحديث (( إن مما أدرك من كلام النبوة الأولى؛ إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ! )) ” (1). __