“ليس الزواج شيئاً آخر سوى إعلان حرب نحتفل به بالموسيقى، مع وجبة طعام فاخرة وعطور وبخور وملابس أنيقة ووعود وأغانٍ…”. “السعادة الزوجية”، وهو العنوان التهكمي لهذه الرواية، يقدم صورة للعلاقة الزوجية التي تبدأ بالحب وتنتهي بخيبة الأمل وعدم التفاهم والكراهية أحياناً، يحكي لنا الطاهر بنجلّون، بأسلوب شيق، وجهتَي نظر متناقضتين لقصة زواج واحدة: الأولى للزوج، والثانية للزوجة.
لدينا إذاً جزءان وقصتان وروايتان، إذ يروي لنا الزوج، بعد أن تقدمت به السن، مشاعره إزاء علاقته الزوجية ومسار إنهيارها البطيء من خلال العودة إلى قراءة مذكراته، أما الزوجة الساخطة والغيورة التي تعرضت للخيانة، فتقدم لنا رواية مغايرة تماماً للأحداث، مَن المخطئ ومَن المحق؟
كأنه صديق للزوجين، يصغي القارئ إليهما كلٌّ على حدة، ويعيش حكَماً بينهما، وينتهي إلى أن يطرح على نفسه أسئلة عصرية حول الزواج: هل يمكن لشخصين من طبقتين إجتماعيتين مختلفتين أن يتفقا؟ إلى أي مدى يمكن الإستمرار في التظاهر بعد زوال الحب؟ هل يمكن لأحد الزوجين أن يغيِّر الآخر؟. يقودنا الطاهر بنجلّون في هذه الرواية إلى الخبايا الأكثر خصوصية للحياة الزوجية، ويدفعنا، بأسلوب مؤثر وذكي، للتفكير في الأمور الجوهرية للحياة كالزواج والإختلاف والخيانة والطموح والغيرة.
هذه الرواية تحيّرك. لا تنتهي صفحاتها الأخيرة وأنت على وفاق مع مجرياتها. ليس لأن الكاتب أهمل مسار ما لإحدى شخصياته ولا لأنه أغفل جانباً من مسارح روايته. أبداً والله. بل لأن بنجلون مبدع جداً لدرجة أن يضعك في هذا التيه الذي تلاحظه بعد انتهاءك من الجزء الثاني للرواية.