من قال إن شجاعة البوح في السيرة لا تتمثل إلا في كشف ما يحرص الإنسان عادة على كتمانه من الخبايا والخفايا الخاصة، لا سيما ذاكرة الجسد في متاهاته؟
إنما الشجاعة في مقاومة التيار وإغراءات الأمان في ظل القطيع ..
وإنما الشجاعة في الامتناع عن الشرب من نهر الجنون حين يتكاثر الشاربون وتصير أوهامهم وهذاؤهم هي القاعدة ..
وإنما الشجاعة في تفكيك الأساطير التي تؤسسها الطوائف المهنية والثقافية والسياسية عن نفسها ..
إنما الشجاعة في رفض اشتراطات النادي لحمل بطاقته مهما تكن سلطته وامتيازاته العملية والمعنوية ..
إنما الشجاعة في تفضيل مغارم العقل على مغانم الجهل ..
وإذا كان تحدي خطاب السلطة الحاكمة الفجة يحتاج إلى قدر من الشجاعة، فإن نقد الكثير من الخطابات المعارضة، وكشف إداعاءاتها وإزدواجيتها وأضاليلها وسلطتها الكامنة، وما يبتزك بمفرادات الأصالة والخصوصيات الثقافية وحماية الهوية المهددة.
ذلك أن تحدي خطاب السلطة قد تخرج منه بنياشين الفروسية والشهامة . أما نقد الخطابات الأيديولوجية والشعبية فقد يوزع دمك بين القبائل السياسية والفكرية، فلا تدري على أي جنب تميل؛ فمن قال إن عدو عدوي صديقي بالضرورة؟
الشجاعة، أخيرًا، هي أن تكون ذاتك، وتشيد روايتك الخاصة بعيدًا عن الإملاءات الخارجية.
وهذه روايتي!