هي عُذرية البدايات وبراءتها؛ دموعٌ عذراء، آلامٌ عذراء، عزفٌ شجيٌّ صادق على أوتارِ قيثارةٍ عذراء. يُطالعنا من بين طيَّات هذا الديوان الأول لصاحبه، وجهُ «إلياس أبو شبكة» مستقبِلًا عشرينيات شبابه بميراثٍ من اليُتم مع تشبُّثٍ بالقِيم العُليا وعلوِّ الهِمة، فاليدُ الأثيمة التي امتدَّت إلى والده فسلبته حياتَه ودفءَ معانقته أبناءه؛ تلك اليدُ لم تستطع أن تنزع الذكرى ولا دوامَ الفكرة، بل فجَّرت مع الدم المُنسال شاعرًا يفيض شعرًا عذبًا مُعذَّبًا، يؤاخي بين «الحزن والجمال»، يَحوط قلبَه بشعره ويرعى هواه، ويأتي من الحب ما ينهى عنه غيرَه: «حاذرِ الحبَّ إنَّ في الحبِّ شرَّا»، وهو المُرابطُ على الجبهات، يحارب المَصاعب لا بسيفٍ «بل بصدقٍ واستقامة»، ويُغنِّي للمجد والبلاد: «لا تعُدِّيني رمادًا، فهيامي في رمادي يا بلادي.»