لم تفلح عشرة فناجين من القهوة،وعُلبة تبغٍ كاملة، في امتصاص دهشتي، أنا سالم منصور، الصحفي المُغامر الذي خاض عمره كله في تحقيقات الجرائم، بين الجثث الممزقة والقتلة المُحترفين، جلست أمام ذلك الملف الأزرق، كالطفل الذي يتعلم أول حروف القراءة، ملفٌ جديد يحمل رائحة الموت، لكنه مُختلف، لم أُصدق أنني يوماً سأصادف شيئاً كهذا، فبحكم عملي كصحفي شاهدت العديد من جرائم القتل البشعة، عادة ما يكون أبطالها إما قتلة بالصدفة، قتلة مهوسين،أو حتى قتلة مأجورين، ولكن الغريب في ذلك الملف أن الموت جاء من الجانب الآمن حيث لم يتوقع أحد ،القاتل يبدو لطيفاً جداً، تأتي معه بطاقة ترحيب جميلة، لكن مخالبه العنيفة تمزق كل شئ، وتفتك بلا رحمة إنه شئ مثير لا يُمكن وصفه، كما رأيته أنا، ولكن يمكن قراءته في ذلك الملف الأزرق الأنيق النائم فوق المنضدة المستديرة في سلام، وحوله عشرة أكواب من القهوة،وجثة عشرين سيجارة.