لا مراء أن شخصية النبي إبراهيم، تعدّ واحدة من أهم الشخصيات في التاريخ الديني، فقد بلغ هذا النبي منزلة لا نزاع حولها في الأديان الكبرى الثلاثة، التي أفرزتها المواطن السامية شرقي المتوسط، اليهودية والمسيحية والإسلام، هذا وإن رغم الاختلافات بين التوراة وبين الإسلام فإننا نجد الأديان الثلاثة (اليهودية والمسيحية والإسلام) في جانب، وعلم التاريخ في جانب آخر حيث نجد أن هذا العلم لا يعلم من وثائقه الأركيولوجية والآثار شيئاً البتة عن النبي إبراهيم عليه السلام. هذا وإنه رغم اتفاق القصة التوراتية مع قصص الإخباريين المسلمين حول موطن النبي إبراهيم عليه السلام الأصلي، والتي تقول أنه هاجر من موطنه الأصلي في بلاد الرافدين إلى فلسطين وأنه زار مصر زيارة مهمة وخطيرة، فإنه لم يعترض الآن على أي دليل آثاري سواء كان كتابه أو نقشاً، أو حتى نقش يقبل التفسير، أو في نصوص تقبل حتى التأويل يمكن أن يشير إلى النبي وقصته سواء في آثار وادي الرافدين، على كثرة ما اكتشف فيهما من تفاصيل ووثائق. وهذا بدوره سبب يدعو المهتم في هذا المجال كي يضع المسألة كلها قيد البحث، خاصة أن عدم معرفة علم التاريخ بهذا النبي، رغم حضوره الكثيف في الديانات الثلاث، قد أدى ببعض الباحثين إلى حسبانه شخصية أسطورية. وقد سعى سيد محمود القمني إلى البحث والتقصي في هذا المجال التاريخي فجاء هذا الكتاب نتيجة ذلك بمثابة دراسة حاول المؤلف من خلالها كشف التاريخ المزيف في علاقة النبي إبراهيم بفلسطين. وسعى إلى إضاءة المعتم في علاقة النبي إبراهيم عليه السلام بالمصريين وحاول التوصل إلى معرفة الموطن الحقيقي للنبي إبراهيم عليه السلام وخط السير الصادق لارتحاله في المنطقة.