أسرعت استلم روايتي بشغف كبير، أدهشني أنني نفخت عليها مراراً حين تسلمتها، لدرجة ان الموظفة سألتني، “لكن لا غبار عليها” ضحكت وأنا أقول بسري “لقد علق بها ما هو أقذر من الغبار” كان البحر يقترب مني، هكذا أحسسته، وحييني عبر موجات قصيرة متلاحقة، هبّت لاحتضاني لكنها تعرقلت بصخور الشاطئ، كنت سعيدة أتنفس رائحة كرامتي، فكرت أنه سيكون أمامي وقت مستفيض كي أتأمل زيف المشاعر الكثيرة التي كنت اعتقد أنها مشاعري، وضلال الأفكار العظيمة التي كنت أؤمن بها واعتقد أنها أفكاري، أدركت الحقيقة متأخرة ربع قرن… كنت بحاجة لربع قرن كي أفك نفسي وأعيد تركيبها من جديد لأتأكد الآن أنني كنت دوماً طاهرة ونقية، وكانوا هم الوجوه التي أحبها وتعذبني بحبها المشروط، والوجوه التي أرادت امتصاص نداوة شبابي، وأنوثتي وجعلي سلعة… لكني الآن حرة كغيمه نقية كدمعة ربت بحنان على روايتي التي أوسدتها حضني، كنت أحس أنني أربت على كتف امرأة حرة ونقية تصالحت مع نفسها ومع العالم، ولم تعد تشعر كما كانت تشعر دوماً بأنها امرأة من طابقين”.
بهذه الكلمات ختمت هيفاء بيطار روايتها “امرأة من طابقين” التي دونت فيها معاني الحياة، ومآسيها، مآسي شباب طموح إزاء الحياة والوصول إلى الشهرة، لكن الواصلين قبله أحاطوها بستار المنفعة، والمقايضة، “هات وخذ” شعار سبر أغوار حياة الشباب الطامح للظهور، الطامح للخروج من قوقعة الجدران. في هذه الرواية تكتب الراوئية أطرف معاناتها ككاتبة أرادت لأفكارها أن تنشر فاعترضتها، أطماع الطامعين بها كإمرة أثارت إعجابهم، متناسيين أفكارها وكتاباتها، متغاضين عن طموحها وأحلامها، أما هي فصارت شهواتهم لتبقى راضية عن نفسها كامرأة وككاتبة.