مع كل كتاب تخطه غادة السمان تموت قليلاً. وبين موت وآخر، تأتي وجوههم الأليفة، تأتي أصواتهم لتستجوب القتيلة. يعرفونها، ولا يعرفونها، تعرفهم ولا تعرفهم، ولكنها غادة السمان واثقة من أمرين: أنها تنتمي إليهم، وأنها لم تعد موؤودة. صار لها صوتها واستعادت حنجرتها المسكونة بعشرات الإيقاعات بما في ذلك حقها في اتهام القبيلة بين موت وآخر من ميتاتها. حصيلة ذلك التفاعل المحرض الخلاف والزخم الحي يجد القارئ بعضه في هذا الكتاب، وهو الجزء الرابع عشر في سلسلة “الأعمال غير الكاملة” يضم هذا الكتاب مختارات من الأحاديث الصحافية بين غادة السمان ورفاقها ببالقلم. وقد صنفتها في خمسة أبواب و هي : 1-أحاديث لم تحدث: الأحاديث الصحافية التي لم تدل بها ولم تكتبها ولم تكن على علم بمعظمها إلا مصادفة وبعد صدورها متحدثة باسمها، وهي ليست رديئة، فبعضها متقن التزوير ويحمل الطابع الخاص لأسلوبها وتوقيع بعض وكالات الأنباء، وبعضها تبنى أسلوب المراسلات الأدبية الحميم وصاغ على لسان قلمها رسائل لم تكتبها ولو كتبتها لجاءت متشابهة. ولعل أجمل نموذج للأحاديث التي لم تكتبها هو حوارها مع الأديب الكبير غسان كنفاني والذي له حكاية مختلفة.
أما أجمل نموذج للرسائل التي لم تكتبها والتي نشرتها في هذا الكتاب تحت عنوان “أحاديث لم تحدث” وهي رسالتها (غير المرسلة) إلى الصحافي المصري الكبير مفيد فوزي. 2-الفصل الثاني من الكتاب جاء تحت اسم “سيرة ذاتية” جمعت فيه غادة السمان الأحاديث التي تنصب مباشرة على حياتها الخاصة كإنسانة وعن علاقة ذلك بفنها. هذا الفصل رتبته وفقاً للتسلسل الزمني ولكن بدءاً بالماضي وانتهاءً بالحاضر. 3-الفصل الثالث جاء تحت اسم “استجواب حول الجنس-المرأة-الرجل-التحرر” وهو يضم مختارات من المحاورات التي تغطي رقعة من هذه الأفكار. 4-الفصل الرابع من الكتاب “استجواب حول قضايا أدبية” يضم مختارات من أحاديث غادة السمان الصحافية التي تتعلق مباشرة بقضايا القصة والرواية خاصة والأدب بوجه عام. 5-الفصل الخامس “من كل بحر موجة” يضم محاورات حول قضايا متفرقة تأخذ من كل فن وعلم بطرف. في هذا الفصل يتم استجواب الكاتبة حول أمور شتى: شيء من السيرة الذاتية وشيء عن قضية المرأة، وشيء عن الأدب وسواها من القضايا، والطابع الغالب عليها هو الشمول.