وبَدَتْ في عمق الصحراء أطيافٌ لكتلة ضخمة ومتحركة تقترب من الغزالة؛ كانت جحافل لانهائية من نخلات تدور حول نفسها، مئات آلافٍ من نخلاتٍ تتدحرج أفقيّاً بانتظام وخفَّة خلف جسمٍ بشريٍّ ضئيل، ممتدّة في الصحراء بطولٍ يتجاوز أربعة كيلومترات وعرضٍ يقارب الثلاثة كيلومتر؛ وتبدو كبساطٍ عملاق يُسحَبُ بأيدٍ خفيّة نحو الغزالة. كانت النخلات تشكّل ما يقرب من ثلاثة آلاف صفّ متتالٍ، وفي كلّ صفٍّ يتدحرج ما بين ثلاثمئة إلى أربعمئة نخلة. والضئيل في المقدمة، يهرول أمام النخلات ويلهث؛ بشفاهٍ منفرجة، داكنة ورفيعة، يكوّرها أثناء شفطه المتقطّع للهواء، بشهيقٍ مبتور وغير متساوٍ، واللعاب يسيل ويتطاير من فتحة فمه، وينفصل سريعاً مع الرياح