عندما نَشرَ الفتى ذو الثمانيةَ عشرَ عامًا «عمر فاخوري» كتابَه الأولَ «كيف ينهض العرب» قامتْ عليه الدُّنيا، وكادَ يتعرَّضُ للسجنِ أو ما هو أسوأُ لولا حَداثةُ سِنِّه وتوسُّطُ أصحابِ الحَلِّ والعَقدِ لدى والي بيروت آنذاك، وسريعًا صُودرَت نُسخُ الكتابِ وأُتلِفَت فَلم يَبقَ منها إلا نُسخٌ نادرةٌ أُعيدَ نَشرُها في عامِ ١٩٦٠م؛ أي بعدَ خمسين عامًا تقريبًا من صدورِ الطبعةِ الأولى. تُرى ماذا حمَلَ الكتابُ من أفكارٍ أقلقَتِ الواليَ العثمانيَّ وخافَ أن يصلَ صَداها إلى البابِ العالي بالآستانة؟ في الحقيقةِ كانَ الكتابُ دعوةً جديدةً لاعتناقِ القوميةِ العربيةِ والتمسُّكِ بعناصرِها من لُغةٍ وتاريخٍ مشتركٍ لإعادةِ مَجدِ العربِ وحضارتِهم الغابرةِ والتحرُّرِ من قَيدِ الدولةِ العثمانيةِ المُهلهَلةِ الآخِذةِ في الاضمِحلال، مبيِّنًا واجباتِ الجميعِ من شبابٍ ومفكِّرينَ لتحقيقِ مَرامي هذه الدعوةِ وجعلِها واقعًا.