هذا الكتاب، قراءة للمحاولات الفكرية التي حاولت تغييب الدين عن عقول الناس حتى اصطدمت بواقع اجتماعي وفكري جماهيري يرفض تلك المحاولات ويتصدى لها.
فالمثقف غير الديني يجد نموذجه التاريخي في الفيلسوف الذي يُشتهر عنه التحدث بخطاب لا يجاري فهم الناس، ولا يقترب من لغتهم وخطابهم، أما المثقف الديني فإنه يجد نموذجه التاريخي في أنبياء الله الذين كانت مهمتهم مرتبطة بالناس، وخطابهم مبلغين ومعلمين وهداة موجهاً إليهم بلسانهم وعلى قدر عقولهم..
هذا هو موضوع كتاب «محنة المثقف الديني مع العصر»، حيث يرى المؤلف أنه قد آن الأوان للمثقف في العالم العربي والإسلامي أن يعيد النظر في رؤيته للدين ويسلم بأن أي مشروع يراد منه نهوض الأمة لا يمكنه أن ينأى عن الدين ويفارقه، وبأن كل المحاولات الفكرية التي حاولت أن تغيب الدين أو تسقطه من حساباتها لم تستطع النفاد إلى عقول الناس بل اصطدمت بواقع اجتماعي وفكري يرفض كل الرفض إقصاء الدين ويزداد به تمسكاً، وهكذا فلقد ارتدت محاولات هؤلاء المثقفين عليهم، وبدل أن ينجح مشروعهم الرامي إلى عزل الدين وإقصائه وجدوا أنفسهم معزولين عن مجتمعهم ومقصيين.
هذا الكتاب يأتي لكي يؤكد التفات الفكر الإسلامي المعاصر إلى غياب المثقف الديني، وضرورة إنبعاثه في الأمة، كي ينهض بأدواره ووظائفه الحيوية والرسالية والحضارية، وأن يكون أحد معابر الأمة إلى القرن الحادي والعشرين، في زمن التحولات العالمية الكبرى، وثورة المعلومات وتحديات العولمة.
ورغم أن الكتاب صدر قبل عام ونصف إلا أنه ما زال يثير الكثير من التساؤلات حول الهدف من كتابته وتوقيت ذلك.