لم تكن بلاد مصر والشام كلٌّ منهما امتدادًا جغرافيًّا للأخرى فحسب، وإنما نطالع في هذا الكتاب جوانبَ وفصولًا ملحمية من الوَحدة التاريخية بين القُطرَين على مر العصور، منذ فجر التاريخ وحتى العصر الحديث؛ فحرصت الدول المتعاقبة عليهما على بسط نفوذها عليهما معًا، باعتبارهما صِنوَينِ تُكمِل كلٌّ منهما الأخرى؛ بدءًا من الفراعنة، ومرورًا بالفرس والروم، ثم الفتوحات الإسلامية، وحتى الدولة العثمانية، ووصولًا إلى أسرة محمد علي باشا الكبير. كما يتطرق المؤلف لعلاقاتٍ أكثر عمقًا ربطت بين مصر والشام، ولم تعصف بها تقلُّبات السياسة وأهواء الحكام؛ تلك هي العلاقات الثقافية والاجتماعية الضاربة في القِدم، والتي ترجع إلى زمن الفينيقيين الذين اشتقُّوا لغتَهم من اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة. ومع توالي الحِقب الزمنية ظلت حركة العلماء والأدباء بين البلدَين مستمرةً وعظيمةَ النفع، امتد شعاعها بعيدًا.