عشتُ كثيراً مع سير العلماء والمصلحين،وخاصة أئمة المذاهب الأربعة المتبوعة في العالم الإسلامي،ووجدتٌ سيرهم مدارس في التربية والسلوك والأخلاق، كما هي مدارس في المعرفة والتعليم، بل هي تؤسّس لانطلاقات جديدة حضارية في البيئات التي تهيمن عليها، متى أحسن الناسُ قراءتها وفهمها.
ومن هذا المنطلق كتبتُ ورقات في سيرة كل إمام منهم، حاولتُ أن تكون جامعة بين المتعة والفائدة والتوثيق، ثم أعدتُ النظر فيها لاستخراج الجوامع والفروق، التي تؤكّد على وحدة المنطلقات والأصول في هذه المدارس، وتَنَوُّع الاجتهادات والآراء، تحقيقاً لمعنى الرحمة والسعة، ومراعاة اختلاف البيئة والظرف التاريخي فيما أذن الله تعالى أن يختلف الناسُ فيه، حيث تسعهم شريعة ربهم في بَحبوحَتها وامتدادها، حين يضيق بهم المذهب الخاص،الذي يتّكئ على الشريعة، ولكنه لا يدّعي الإحاطة بها والتعبير التام عنها.