تدور بي الريح حين تضيق بي الأرض. لا بد لي أن أطير وأن ألجم الريح، لكنني آدمي.. شعرت بمليون ناي يمزق صدري تصببت ثلجاً وشاهدت قبري على راحتي. تبعثرت فوق السرير. تقيأت. غبت قليلاً عن الوعي. مت. وصحت قبيل الوفاة القصيرة: إني أحبك، هل أدخل الموت من قدميك؟ ومت.. ومت تماماً، فما هدأ الموت لولا بكاؤك! ما أهدأ الموت لولا يداك اللتان تدقان صدري لأرجع من حيث مت. أحبك قبل الوفاة، وبعد الوفاة، وبينهما لم أشاهد سوى وجه أمي.
هو القلب ضل قليلاً وعاد، سألت الحبيبة: في أي قلب أصبت؟ فمالت عليه وغطت سؤالي بدمعتها. أيها القلب.. يا أيها القلب كيف كذبت علي وأوقعتني عن صهيلي؟ لدينا كثير من الوقت، يا قلب، فاصمد، ليأتيك من أرض بلقيس هدهد، بعثنا الرسائل، قطعنا ثلاثين بحراً وستين ساحل، وما زال في العمر وقت لنشرد، ويا أيها القلب، كيف كذبت على فرس لا تمل الرياح، تمهل لنكمل هذا العناق الأخير ونسجد. تمهل.. تمهل لأعرف إن كنت قلبي أم صوتها وهي تصرح: خذني”