«وفي لمحِ البصر، أمسكَ عبد الحميد بيدِه يدَ أبي سريع، وتمكَّنَ منها، وأخرجَ المسدسَ من جيبِ الكاكولة، وأطلقَ النارَ على أبي سريع، ولم يكتفِ بطلقةٍ ولا اثنتَين، وإنما أفرغَ الرصاصاتِ الستَّ في جسمِ أبي سريع.»
يظلُّ الإنسانُ يُصارعُ شهواتِه ونزواتِه وخُلقَه، فهو حين يمتنعُ عن فعلٍ شائنٍ يأتي غيرَه، وحين يتخلَّقُ بخَصلةٍ حميدةٍ يُجهِزُ عليها بخَصلةٍ دنيئةٍ تأتي على ما قدَّم من فضائل. نجحَ «ثروت أباظة» في رسمِ شخصياتِ هذه الروايةِ الكلاسيكيةِ بدقَّة، وكأنها مسرحيةٌ تُؤدَّى على خشبةِ المسرحِ أمامَك، وعبرَ صراعاتٍ مُتشعِّبةٍ ومَصالحَ مختلِطة، تبدَّدَت آمالُ أبطالِ الروايةِ على أعتابِ الأقدارِ العادلةِ التي أبَتْ إلا أن تنتقمَ من فسادِهم وتجرُّئِهم على حقوقِ الناس، وإنْ كان هذا الانتقامُ لم يأتِ إلا من أعمَى سُلبَ حقَّه في الحياةِ والعيشِ كبقيةِ البشر، إلا أنه كان شرارةً ألهمَت مَن ضاعَت حقوقُهم جُرأةَ المُطالبةِ بها والسعيَ للحصولِ عليها.